هل يشكل الذكاء الاصطناعي تهديدًا لمهنة المحاماة؟

هل يشكل الذكاء الاصطناعي تهديدًا لمهنة المحاماة؟

يشهد السوق في كافة قطاعاته ثورة تكنولوجية هائلة يقودها الذكاء الاصطناعي، ولم تُستثنَ مهنة المحاماة من هذه التغيرات الجذرية. فبين قائل بخطورة الذكاء الاصطناعي على مهنة المحاماة، من حيث وجودها؛ وبين قائل بالعكس تمامًا بأن الذكاء الاصطناعي معزز لنمو مهنة المحاماة وتحسينها وتطويرها لخدمة التجارة الدولية؛ نقف حائرين.

ومهما كانت الأجوبة، فإن الذكاء الاصطناعي لا شك يحمل في جعبته الجديد كل لحظة وليس كل يوم.

ويجيب عن ذلك الأستاذ/ محمود سلامة المحامي والمدير العام لشركة سلامة للمحاماة والقانون فيقول:

الحقيقة أني لا أرى أن الذكاء الاصطناعي يشكل تهديدًا لوجود مهنة المحاماة، بل هو أداة متطورة يمكن أن تُعزز قدرات المحامين، وتُساعدهم على تقديم خدمات أفضل لعملائهم. ولكن، يتطلب ذلك من المحامين التكيف مع التغيرات والتطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي، واكتساب مهارات جديدة، مثل تحليل البيانات، والبرمجة، والأخلاقيات الرقمية.
وهناك مهارات لا يمكن للذكاء الصناعي تكرارها، تلك التي تكون معتمدة على الحدس، وناشئة عن المعاني الأخلاقية الإنسانية البحتة، التواصل الفعال، والتفكير الإبداعي، والذكاء العاطفي، وبناء العلاقات، وهي التي يجب على المحامين التركيز والعمل عليها.
وقد يؤثر الذكاء الاصطناعي بالفعل على المحاماة، فقد يكون سببًا للاستغناء عن الموظفين أصحاب المهن القانونية الروتينية.

وقد يؤثر على المحامين أنفسهم، حيث إن الاعتماد على هذه الأدوات قد يؤدي إلى تثبيط المهارات البحثية والتحليلية للمحامي، ولكنها قد تطور البحث من حيث عامل السرعة والدقة، بحيث يحصل المحامي أكبر كم من المعلومات.

وجدير بالذكر أن استيعاب المحامي للمعلومة لا يعتمد إلا على عقله، وليس الذكاء الاصطناعي هو من يزرع الفهم.

ومن جانب آخر، فإن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القانون تثير العديد من المخاوف الأخلاقية، مثل التحيز وعدم الشفافية وإمكانية إساءة استخدام البيانات.

المخاوف الأخلاقية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في القانون:

ومن الجدير بالذكر إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القانون تثير العديد من المخاوف الأخلاقية، مثل التحيز وعدم الشفافية وإمكانية إساءة استخدام البيانات. على الرغم من تقديم الذكاء الاصطناعي فوائد جمة لمهنة المحاماة، لكنه من الطبيعي أن تثير تطبيقاته أيضًا مخاوف أخلاقية يجب أخذها بعين الاعتبار:

1. التحيز:

قد تعكس خوارزميات الذكاء الاصطناعي تحيزات مُتعلقة بالعرق أو الجنس أو الدين أو غيرها من العوامل، مما قد يُؤدي إلى نتائج غير عادلة في القضايا القانونية. على سبيل المثال، قد تُستخدم خوارزميات التنبؤ بالجريمة لتحديد الأشخاص الأكثر عرضة لارتكاب الجرائم، ممّا قد يُؤدي بالتالي إلى استهداف مُجتمعات معينة بشكل غير مُتناسب.

2. عدم الشفافية:

فالحقيقة تتمثل هنا في كون خوارزميات الذكاء الاصطناعي معقدة وصعبة الفهم، ممّا قد يشكل صعوبة على المحامين والقضاة والعملاء في فهم كيفية اتخاذ القرارات. فقد يُؤدي ذلك إلى نقص الثقة في أنظمة الذكاء الاصطناعي لهذا السبب، وأيضًا لعدم القدرة على مساءلتها عن أخطائها. إذ تثير المسؤولية القانونية عن الأخطاء التي يتسبب بها الذكاء الاصطناعي مشكلة قانونية لم تظهر بشكل يخضعها للدراسة بشكل واقعي فيصعب تحديد المسؤولية.

3. إساءة استخدام البيانات:

قد تُستخدم بيانات العملاء المُجمعة من خلال أنظمة الذكاء الاصطناعي لأغراض غير قانونية أو أخلاقية، مثل التمييز أو الترويج للإعلانات المُستهدفة.

ولما كان الأمر يستوجب الجاهزية لمواجهته فإنه من المهم وجود ضمانات قوية لحماية خصوصية البيانات ومنع إساءة استخدامها. ويكون ذلك بما يلي على سبيل التوضيح وليس الحصر:
وضع معايير أخلاقية واضحة لتطوير واستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في القانون.
ضمان الشفافية في خوارزميات الذكاء الاصطناعي من خلال تدقيقها وشرحها بوضوح.
حماية خصوصية البيانات من خلال قوانين قوية وضمانات تقنية.
تدريب المحامين والقضاة على مخاطر وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
تعزيز إشراك أصحاب المصلحة المتعددين في تطوير واستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في القانون.

والحقيقة أننا لا نعلم لأي مدى قد تصل ماكينة التعلم حيث إنها تتطور على مدار الساعة بشكل متسارعٍ جدًا، فتستطيع أن تكون أدوات توثيق معلوماتية ونصية ومادية تضع الكثير من التحديات أمام المحامين، والذين عليهم أن يتوغلوا في فهم هذه الاداة العصرية المرعبة