طرح المصرف المتحد في البورصة المصرية: خطوة جديدة نحو تعزيز دور القطاع الخاص

يعتزم البنك المركزي المصري طرح حصة من أسهم المصرف المتحد في البورصة المصرية خلال الربع الأول من عام 2025، ضمن برنامج أوسع لخصخصة عدد من المؤسسات المالية المملوكة للدولة. يندرج هذا الطرح ضمن خطة الحكومة المصرية التي تهدف إلى تقليص ملكية الدولة في الاقتصاد المحلي وجذب استثمارات القطاع الخاص، وهي خطة تتماشى مع متطلبات الإصلاح الاقتصادي وتعهدات الحكومة أمام صندوق النقد الدولي. هذه الإجراءات تتضمن أيضًا الطرح المرتقب لأسهم بنوك أخرى مثل بنك القاهرة والبنك العربي الإفريقي وبنك الإسكندرية.

 

تشير تقديرات الخبراء إلى وجود اختلافات حول نسبة الحصة التي سيطرحها البنك المركزي. يتوقع الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح أن يتخلى البنك المركزي عن كامل حصته البالغة 99.9% في المصرف المتحد، مع إمكانية بيعها لمستثمر استراتيجي يتقدم للاستحواذ على البنك أو جزء منه. ويرى أبو الفتوح أن هذه الخطوة تعكس رغبة البنك المركزي في إثبات جديته أمام صندوق النقد الدولي بشأن برنامج الخصخصة الحكومي، الذي يهدف إلى تقليص ملكية الدولة في مختلف القطاعات الاقتصادية. ويؤكد أن هذا القرار يأتي ضمن برنامج أوسع لطرح مؤسسات الدولة بهدف جذب استثمارات خارجية وتعزيز كفاءة تلك المؤسسات​.

على الجانب الآخر، يعتقد الخبير الاقتصادي طارق حلمي أن البنك المركزي قد يطرح فقط ما بين 30% إلى 40% من حصته في المصرف المتحد، للحفاظ على القيمة السعرية للأسهم في السوق. وأوضح حلمي أن الطرح الجزئي سيسمح بتجنب أي انخفاض محتمل في السعر، وسيمنح البنك المركزي الفرصة لتحقيق أكبر قيمة ممكنة من هذا الطرح. أشار حلمي أيضًا إلى أن المركزي يسعى لضمان تحقيق أعلى عائد ممكن، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، وأن أي قرار بالطرح سيكون مرتبطًا بالوصول إلى التقييم العادل للبنك​.

وتتطلب هذه الخطوات موافقات الجهات التنظيمية مثل الهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة المصرية، حيث يعمل البنك المركزي حاليًا على الحصول على هذه الموافقات للمضي قدمًا في الطرح. ويعكس هذا القرار رغبة الحكومة المصرية في تعزيز دور القطاع الخاص وضمان استدامة النمو الاقتصادي من خلال تخارج الدولة من عدد من المؤسسات المالية الكبرى​.

يذكر أن المصرف المتحد تأسس عام 2006 بعد دمج ثلاثة بنوك: البنك المصري المتحد، والمصرف الإسلامي للتنمية والاستثمار، وبنك النيل، بهدف إعادة هيكلة الأصول المتعثرة. وعلى مدى السنوات الماضية، نجح المصرف المتحد في تحقيق نمو ملحوظ؛ حيث ارتفع إجمالي أصوله إلى 106 مليارات جنيه بحلول يونيو 2024، مقارنة بـ72 مليار جنيه في عام 2021. وقد زادت أرباحه لتصل إلى 1.74 مليار جنيه في نهاية ديسمبر 2023، مما يعكس أداءً ماليًا قويًا ويجعل من المصرف المتحد فرصة استثمارية جذابة لأي مستثمر استراتيجي يسعى للاستحواذ عليه​.

من الجدير بالذكر أن المحاولات السابقة لبيع المصرف المتحد شهدت اهتمامًا من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي أبدى رغبة في تقييم المصرف بالجنيه المصري، على أن يتم تنفيذ الصفقة بالدولار. لكن الاختلاف حول تقييم المصرف حال دون إتمام الصفقة، التي كانت متوقعة بقيمة تصل إلى 600 مليون دولار​.

في إطار هذه المعطيات، يظل السؤال المطروح هو ما إذا كان الطرح المرتقب سيشهد بيع كامل حصة البنك المركزي أم سيتم الاكتفاء بطرح جزء منها، وهو أمر سيعتمد إلى حد كبير على رد فعل المستثمرين وتقييماتهم للمصرف المتحد، وكذلك التوجهات الحكومية النهائية بشأن برنامج الطروحات.