المتهم/ صلاح التيجاني: عقوبات استغلال الدين والتحرش في ضوء القانون المصري.
يواجه المواطن/ صلاح الدين محمود أبوطالب، والمعروف إعلاميًا ولدى تابعية باسم (الشيخ/ صلاح التيجاني) اتهامات خطيرة، تجمع بين استغلال الدين، والترويج لأفكار متطرفة، وإنشاء جماعة دينية مخالفة، إلى جانب اتهامات أخرى بالتحرش الجنسي، بعد ظهور عدة شكاوى من فتيات، تعرضن لمضايقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
تأتي هذه الاتهامات في سياق معقد، يجمع بين قضايا الاحتيال الديني، ومحاولات التيجاني انتحال صفات دينية، وأخرى ذات طبيعة أخلاقية، الأمر الذي أثار ضجة واسعة في المجتمع المصري.
التهم الموجهة لصلاح التيجاني:
أولًا: استغلال الدين وإنشاء جماعة دينية غير قانونية
ويواجه المدعو صلاح التيجاني اتهامًا باستغلال الدين للترويج لأطراف متطرفة، ومحاولة إثارة الفتنة، والنيل من السلام الاجتماعي للمجتمع المصري.
ووفقًا للمادة 98 (و) من قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937 من القانون فإنه “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه، ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية”
وبالإضافة إلى ذلك، فإن المادة 61 من قانون تنظيم الطرق الصوفية رقم 118 لسنة 1976 نصت على أنه:
“مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر، يعاقب كل من ينتحل صفة من صفات مشايخ الطرق الصوفية أو ينتحل صفة في تمثيل أية طريقة منها أو صفة العضوية فيها أو ينتحل صفة شغل أي منصب أو وظيفة أو عمل أو يدعى أية صلة بالطرق الصوفية أو منظمة من منظماتها الخاضعة لأحكام هذا القانون أو يستخدم شعارا أو علما من شعاراتها أو أعلامها بدون وجه حق، بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيهًا ولا تزيد على خمسمائة جنيهًا أو بإحدى هاتين العقوبتين”
ويأتي ذلك في السياق الذي أعلنت فيه مشيخة الطريقة التيجانية في مصر أن المدعو/ صلاح التيجاني قد فُصل من الطريقة منذ عام 2000، بعدما حاول الاستحواذ على قيادتها بمخالفة القانون.
وتتمثل هذه المخالفة في رغبة المدعو التيجاني الاستيلاء على قيادة الطريقة التيجانية بمخالفة نص المادة (30) من القانون سالف الذكر بشأن تنظيم الطرق الصوفية والتي نصت على أنه:
“تكون الأولوية في الترشيح لشغل منصب شيخ طريقة من الطرق الصوفية عند خلوه من بين من تتوافر فيهم الشروط اللازمة على النحو
التالي:
(أ) الابن الأكبر لشيخ الطريقة السابق فإذا كان هذا الابن قاصرا عين شيخا للطريقة على أن يعين وكيلا له حتى يبلغ سن الرشد ثم يأتي في المرتبة من بعهد أكبر أبناء هذا الابن وهكذا… الخ.
(ب) إخوة شيخ الطريقة السابق ويكون الشقيق منهم مقدما على غيره.
(ج) ذوي قربى شيخ الطريق السابق الأقرب فالأقرب منهم.
(د) كبار رجال الطريقة ممن تتوافر فيهم شروط الأهلية لشغل المنصب.”
وجدير بالذكر أن المدعو/ صلاح التيجاني لا تنطبق عليه شروط المادة بما يجعله مخالفًا للقانون بمحاولاته ويفقده بفصله شرط حسن السمعة لعدم احترامه لشيخ طريقته وأعضاء الطريقة، وجنوحه عن القانون.
وبرغم ذلك، استمر التيجاني في ادعاء ارتباطه بالطرق الصوفية، وأنشأ زاوية دينية خاصة به أطلق عليها “الزاوية الصلاحية التيجانية” في منطقة إمبابة بالجيزة، في محاولة منه للحصول على اعتراف رسمي، لكن المجلس الأعلى للطرق الصوفية رفض ذلك بشدة، وأكد أن تحركاته تخالف الأعراف والتقاليد المتبعة.
ويشكل ذلك مخالفة أخرى لنص المادة 27 من القانون سالف الذكر، حيث نصت المادة على أنه “حُددت الطرق الصوفية المعتمدة عند العمل بهذا القانون في الجدول المرفق، ولا يجوز إنشاء أو تنظيم آية طريقة صوفية جديدة إلا إذا كانت لا تشابه طريقة من الطرق الموجودة في اسمها أو اصطلاحها..”
وبناء على هذه المادة فإن رفض المشيخة إنشاء الطريقة الصلاحية التيجانية هي تشابهها مع الطريقة التيجانية في الاسم والاصطلاح.
ثانيًا: الاتهامات بالتحرش الجنسي: تفاصيل القضية وتطوراتها القانونية.
وبالإضافة لما سبق، يواجه التيجاني اتهامات بالتحرش الجنسي بعد أن تقدمت فتاة تُدعى خديجة خالد ببلاغ تتهمه بإرسال رسائل وصور خادشة للحياء عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ألقت الأجهزة الأمنية القبض عليه، وأمرت النيابة العامة بحبسه لمدة 4 أيام على ذمة التحقيقات، ثم أُخلي سبيله بكفالة مالية قدرها 50 ألف جنيه بعد جلسة تحقيق استمرت حوالي 18 ساعة.
وذكرت وزارة الداخلية المصرية في بيان لها أن التحقيقات جارية مع التيجاني، وأنه لا يمثل مشيخة الطريقة التيجانية بأي شكل من الأشكال.
كما تواصل المجلس القومي للمرأة ومؤسسة “قضايا المرأة المصرية” مع النيابة العامة بعد ظهور ثلاث شكاوى جديدة من ناجيات أخريات أفدن بتعرضهن للتحرش الإلكتروني الجنسي من قبل التيجاني، مما زاد من تعقيد الموقف القانوني له.
الموقف القانوني للتيجاني والآثار المحتملة
جدير بالذكر أن الموقف القانوني للمتهم/ صلاح التيجاني معقد، حيث تتشابك الجرائم، إذ إن جرائم التحرش جاءت نتيجة لاستغلاله سلطة غير مشروعة على الفتيات اللاتي ادعين أنه تحرش بهن، وهو ما يجعل موقفه أسوأ أمام جهات التحقيق والاتهام.
فإذا ثبتت تهم التحرش ضد التيجاني، فقد يواجه عقوبات مشددة، تتراوح بين الحبس والغرامات المالية، بالإضافة إلى العقوبات الجنائية المتعلقة بانتحال الصفة الدينية واستغلال الدين لأغراض شخصية.
وفي الختام: فإن التحقيقات لا تزال جارية، ولا نستطيع أن نجزم بأي حالٍ بما ستؤول إليه.