
شركات المساهمة المبسطة وفقًا لنظام الشركات السعودي.
أعده وكتبه: ب.د.أ/ محمود سلامة.
المحامي بالنقض وخبير الأنظمة السعودية.
في خطوة تعكس رؤية المملكة العربية السعودية الطموحة لتطوير بيئة الأعمال وتعزيز الاقتصاد الوطني، جاء نظام الشركات الجديد لعام 1443هـ / 2022م ليواكب المستجدات الاقتصادية والتجارية على المستويين المحلي والعالمي؛ والذي من أبرز ملامحه استحداث شكل قانوني جديد من أشكال الشركات وهو (شركة المساهمة المبسطة) وهو نوع جديد من الشركات، يتميز بالمرونة والكفاءة، ما يجعله خيارًا مثاليًا للمستثمرين ورواد الأعمال.
ما هي شركات المساهمة المبسطة؟
ونستطيع أن نعتبر أن شركات المساهمة المبسطة ابتكارًا قانونيًا جديدًا، يهدف إلى تسهيل تأسيس الشركات وإدارتها، دون التعقيدات المرتبطة بالكيانات التجارية التقليدية.
فوفقًا للنظام، يمكن تأسيسها من شخص واحد أو أكثر، ولا يُشترط وجود حد أدنى لرأس المال؛ فضلًا عن تمتعها بمرونة كبيرة في إصدار أنواع وفئات مختلفة من الأسهم بحقوق والتزامات متفاوتة.
ومما يميزها أيضًا إمكانية إدارتها من قبل مدير، أو مجلس إدارة، أو حتى عبر ترتيبات خاصة بحسب ما يتفق عليه الشركاء في نظامها الأساسي.
ومما يميز هذا النوع من الشركات، أنها تلغي الجمعيات العامة التقليدية، حيث يتولى المساهمون مباشرة الاختصاصات التي كانت تُعهد إلى هذه الجمعيات، مع حرية تحديد النصاب القانوني لصحة الاجتماعات والقرارات.
أبرز مميزات شركات المساهمة المبسطة.
وجدير بالذكر أن المزايا التي تقدمها شركات المساهمة المبسطة تجعلها الخيار الأكثر جذبًا للكثير من الكيانات التجارية، حد أن هناك اتجاه حالي آخذ في التزايد نحو التحول من شكل شركات الشخص الواحد أو المسؤولية المحدودة إلى هذا النوع من الشركات؛ ومن أبرز هذه المزايا:
- عدم اشتراط حد أدنى لرأس المال
- تنوع فئات الأسهم: حيث يمكن للشركة إصدار أسهم بفئات مختلفة، مع حقوق والتزامات وقيود متفاوتة
- مرونة الإدارة: حيث تكون إدارة الشركة بالطريقة التي يحددها نظامها الأساسي، سواء من قبل مدير واحد أو أكثر، أو مجلس إدارة؛ بما يشير إلى مرونة في اختيار طريق وطريقة الإدارة بشرط عدم مخالفة النظام.
- عدم اشتراط الجمعيات العامة التقليدية: فالمساهمين يتخذون القرارات مباشرة وفقًا للنظام الأساسي.
- إمكانية فرض قيود على الأسهم: مثل حظر التصرف بها لفترة محددة أو اشتراط موافقة المساهمين أو الشركة.
أثر شركات المساهمة المبسطة على بيئة الأعمال.
ليست شركات المساهمة المبسطة مجرد إضافة جديدة في عالم الشركات بلا معنى، بل إنها تمثل تحوّلًا جذريًا في كيفية تأسيس وإدارة الشركات؛ حيث إن هذا الكيان الجديد سيُحدث تأثيرات إيجابية ملموسة على بيئة الأعمال، من بينها:
- دعم رواد الأعمال والشركات الناشئة، من خلال تبسيط الإجراءات، وإتاحة الفرصة لتأسيس شركات برأس مال بسيط.
- تعزيز الاستثمارات الجريئة، وذلك بفضل المرونة في إصدار السندات والأسهم القابلة للتحويل، مما يفتح المجال أمام التمويل المبتكر.
- إدارة الشركات العائلية بشكل أكثر تنظيمًا، حيث إن هذا النوع من الشركات يمثل الخيار الأمثل لتنظيم الشركات العائلية، وإدارة شؤونها بطريقة مرنة وواضحة.
- القضاء على الكيانات غير النظامية؛ فشركات المساهمة المبسطة تقدم بديلًا قانونيًا عن شركات المحاصة والمضاربة غير الرسمية.
إدارة الشركات ومسؤولياتها
ومن أبرز ملامح شركات المساهمة المبسطة، أنها تمنح مرونة كبيرة في طريقة إدارتها، حيث يمكن أن يتولاها مدير واحد، أو مجلس إدارة، أو حتى هيكل إداري مبتكر، يتفق عليه المساهمون في النظام الأساسي.
ويمتلك المدير أو مجلس الإدارة سلطات واسعة في إدارة الشركة، بما يحقق أهدافها، مع الالتزام بالحدود المنصوص عليها في النظام الأساسي.
ومن الناحية القانونية، فإن مسؤوليات رئيس الشركة أو مجلس إدارتها تعمل بنفس الأحكام المطبقة على شركات المساهمة التقليدية، مما يعزز من الشفافية والمساءلة القانونية، وهو الأمر المطلوب بشدة في لحوكمة الشركات، بل وعلى رأسها.
آفاق مستقبلية لشركات المساهمة المبسطة.
ومع بدء سريان نظام الشركات الجديد، فإنه من المتوقع أن تشهد السوق السعودية تحولًا كبيرًا نحو هذا النوع من الشركات؛ حيث إنه من المتوقع أن يتحول عدد كبير من الشركات ذات المسؤولية المحدودة إلى شركات مساهمة مبسطة.
كما أنه من المتوقع -وبشدة- تسهيل انتقال المؤسسات الفردية إلى شركات مساهمة مبسطة دون تعقيدات أو تكاليف إضافية؛ فضلًا عمَّا لذلك من أثر بالغ في تعزيز بيئة الأعمال للشركات المهنية والشركات الناشئة
وفي الختام؛ يجدر بنا القول إن شركات المساهمة المبسطة نقلةٌ نوعيةٌ في التشريعات التجارية بالمملكة العربية السعودية، حيث تجمع بين مرونة الشركات ذات المسؤولية المحدودة، وتنظيم شركات المساهمة.
فهذا الكيان القانوني بدأ بالفعل في فتح آفاقٍ واسعة أمام المستثمرين، ورواد الأعمال، لإدارة أعمالهم بكفاءة وفعالية، مع توفر الحماية القانونية اللازمة. وإننا نوصي المستثمرين ورواد الأعمال بدراسة هذا النوع من الشركات بعناية، واستشارة المتخصصين القانونيين لضمان الاستفادة الكاملة من مزاياها، والتوافق مع المتطلبات القانونية الواردة في النظام، نظرًا لأنه يوصل المستثمر لنظام الشركات المساهمة ولكن بتعقيدات أقل وبإجراءات أيسر وبرأس مالٍ حسب ما يتناسب معه.